وتأتى بعد ذلك اسرائيل التي وإن بدا مأزقها غير واضح ولا يفعل فعله ، إلا أنها فى اضطراب المنطقة من حولها بسبب أدائها العنصرى وسياسة الولايات المتحدة الأمريكية المثيرة للاستفزاز والكراهية ، تمضى إلى المأزق بخطى تقترب أو تبتعد ، بقدر ما تقترب أو تبتعد المتغيرات الضاغطة فى محيطها وما حوله . ربما يتراءى لاسرائيل وحتى الولايات المتحدة أن إرهاب الدولة ـ الذى يطلقون عليه تعبير محاربة الارهاب ـ يمكن أن يقدم الحل ! هنا يأتى المثال الافغاني ، ثم المثال العراقى الصارخ ليؤكدا أن إرهاب الدولة يُشيع الارهاب والقتل والجريمة ، بأكثر مما يقدم حلولاً ويعالج مشكلات !
نعود إلى حالتنا التى تتلخص فى سؤال ضروري : ماذا حققنا فى دمشق ثم بعد ذلك فى مكة ، ثم فى بقية العواصم العربية والعالم الأوروبى . ما فعلناه لا تقبله اسرائيل مطلقا ، ودوننا ودون رضاها شروط الرباعية تكتيكاً ، فإذا تحقق فإننا ينبغى أن نتنازل عن القدس ونضرب عرض الحائط بعودة اللاجئين ، فإذا ما تحقق ذلك كله تفتح اسرائيل مسائل الأمن فوق مرتفعات الضفة وفى الأغوار ، وفى كل مكان آخر يفرض حكماً ذاتياً مبعثراً ، وكانتونات ومعازل مثل معازل جنوب إفريقيا أيام التمييز العنصري !
[كيف تتعامل الحكومة مع استقبال وزراء والإعراض عن آخرين ، أية حكومة هذه وكيف تبني سياستها واستراتيجيتها وآلية حركتها]
ولقد يقال إن الفلسطينيين عقدوا الرجاء وانتعشوا بالأمل عندما تحققت حكومة الوحدة الوطنية ، لكنهم بدون شك على حذر من تفاؤل حاسم يوّطن الرجاء ، ذلك أن حكومة الوحدة تحمل فى أعماقها عوامل انهيارها : ثمة برامج متصادمة وأولها برنامج الرئاسة وبرنامج رئاسة الحكومة. إن الحكومة تريد أن تحكم والرئاسة عينها على المصلحة العليا للشعب الفلسطيني وتمضى إلى تسويق حكومةٍ لا تلقى قبولاً ، فهى لا تفصل الدين عن الدولة ، وتسعى إلى تطبيق شروط تملك أطراف فيها ذلك ، ولكن أطرافاً أخرى لا تملك على الاطلاق ، لقد قطعت حماس شوطاً عندما ارتضت بدولة فى حدود عام 1967 ، وقبلت بمنظمة التحرير مرجعية ، وتغاضت عن حتمية المقاومة المسلحة حلاً وحيداً وسحرياً لتحرير فلسطيني ، ولبس قادتها القمصان ذات الياقات العالية وربطات العنق . لكن السؤال هل يكفى هذا كله وإذا لم يكفِ ! فالى أين تذهب حماس هل تمضى إلى حدّ اللعب بذات الأوراق التى لعبها ويلعبها اللاعبون الآخرون ؟
لعلنى لم أهدف من وراء هذا المقال ' تكسير مجاذيف ' أو هجوماً على أحد أو انحيازاً لفتح، ففتح فيها ما فيها مما لا يرجى معه رهان ، ولكنه غوص ومحاولة استكشاف حتى لا تكون خطانا فى الهواء وحتى لا نظل نرفض ثم نقبل ثم نرفض فنرضى ، حتى ننزل إلى سقف ليس بسقف على الاطلاق .
ما الحل ؟! أظن أن الحل الأمثل كان فى حكومة مستقلة عن كل الأحزاب والفصائل والتنظيمات والأطياف ، كانت توفر علينا هذا الحديث الثقيل عن تنفيذ شروط الرباعية وشروط التعامل مع وزراء وعدم التعامل مع آخرين !! ، وشروط الفصل بين الرئاسة والحكومة ، والاحتفال باستقبال رئيس وزرائنا لنائب وزير من دولة ثانوية ، لعل الله ياتى بوزير أو بممثل لرئيس وزراء!! كما أننا ربما اختصرنا زمناً يضيع منا ويُضيّعنا . إن إضاعة الوقت ركن من أركان 'الفواتِ' السياسي ، الذى يسلب من قضية تاريخها وفحواها ، لقد جرّونا إلى مناطق أضحت بعيدة، وفى كل يوم يمضى ، يصبح الحديث عما مضى مطلباً أو أمنية !!
* * *
هناك خلط فى الرؤى يتشكل فى الرؤى يتشكل فى اختلاف الثقافات ، ماذا تعنى أمرأه بكر، وهل هي غيرها عندما تكون ثيّبا أو أرمل فى مجتمع منغلق أو آخر مستنير ؟ سؤال حيّرني عندما واجهته ذات مرة طفقت فيها أضرب كفاً بكف فى داخلى !
قالت بتسليم غريب :
- أنا المراة الأرمل التي استشهد زوجها لا تتزوج بأعزب لم يسبق له زواج .
- مـ .... ا..ذا ؟!
كانت فى ذهني صورتها وفي وعيي انها كالبدر بيضاء ورشيقة ، وعيناها نجلاوان تتدافع فيهما الألوان الأخضر يزاحم الرمادي يستدرج الأزرق .
قالت :-
ـ لا تندهش هو واقعنا ، وهذا مجتمع الرجال يفرض منطقه . لذا قررت القبول به زوجاً.
ـ ولو أن له زوجة أخرى وثلاثة أولاد وبنتان .
لم يبد عليها أنها فوجئت .. قالت :
ـ ولو .. فأنا لا أريد أن أظل عانساً طوال العمر .. هى فرصة .. وفى مثل مجتمعنا تكون الفرصة مرة ، أو لا تكون .