فى الأدبيات السياسية الفلسطنية ، تشير القراءات إلى أن المنظمات والأحزاب والقوى والفصائل الفلسطينية ، وبدجات متفاوته ، وقعت فى فخ توقيت اتخاذ القرار. مازلنا نمارس الأندفاع الفخ ذاته بعبقرية نادرة! الخطأ يكمن فى أن مكونات القرار لا تستند إلى دراسات عميقة وشاملة ، لتوجهات الرأى العام ، والقدرة الذاتية ، وخريطة التحالفات ، والآثار المترتبة على القرار محليا وإقليميا وعالميا . غالبا تكون القرارات حالمة وغير واقعية ، وكارثية فى نتائجها ، وليس فيهما أى قدر من التكتيك أو المناورة التى تخدم الاستراتيجية ، وفى تاريخنا الحديث ، منذ التقسيم عام 1947 وحتى اللحظة يشكل الرفض كميزة أساسية للقرار الفلسطينى ، ثم يبدأ الضغط والمماحكة والصراعات التنظيمية التى لا تخلو من الشهوة إلى الحكم ، لتعود إلى النقطة ذاتها! كان واضحا أن حكومة حماس ' سوف تقودنا ألى ما وصلنا إليه وأكثر الآن بعد ما يقترب من خراب مالطة ! نعود إلى حكومة وحدة وطنية بقيادة حماس ، مع التخلى عما كان مرفوضا من قبل الوزارات السيادية وأن حكومة الوحدة الوطنية غير مقبولة كذلك ،أو على هناك اختلاف محلى ،أقليمى ،ودولى بشأنها ماذا نفعل!! كنت اقترحت حكومة كفاءات حكومة للشعب وفى الشعب ويكون مرجعها المجلس التشريعى الذى تحكمه حماس
نظل نراوح مكاننا ونواصل أخطاءنا، هل الحكم هو الهدف أم أن الهدف تجنيد الشعب الفلسطينى لتكريس أهدافه الكبرى ، وتحقيق طموحاته ،لا يمكن فعل ذلك فى ظل سبعة أشهر من الجوع والبؤس والحرمان لذلك أحاول وصف حالتنا بأنها حالة اضطراب القرار، لو كنا نقيم قراراتنا على أسس متينة وقرارات متأنية وشمول رؤية، لما وصلنا إلى ما وصلت إليه ! لسوف نتراجع مرة اخرى حينما تتفاقم الأزمات فتصيب الفلسطنين فى أمن قوتهم:
عندما نجوع إلى الحد الذى تهتز فيه القلوب والعقول، وتضطرب النفوس .
******
قام السلاح النووى الاسرائيلى على الغموض . حتى اللحظة لا نجد فى الأدبيات السياسية الأسرائلية أعتراف واضح ، يشير إلى قدرة إسرائيل النووية ، قد تكون هذه شطارة ، فالردع يكون أحيانا بمجرد أن لا تكون متاكدا من عدم حيازة الخصم لسلاح يقتلعك من جزورك ويؤدى الى ابادة شاملة .
المشروع النووى الإيرانى يكتنفه الغموض أيضا، ولذا فإنه يشكل حالة من الهستيريا الغربية ، هستيريا أساسها الخوف على اسرائيل .. فى حمأة هذه الهستيريا يندفعون بجنون للحرب مشروع نووى إيرانى يمثل احتمالا وشيمته تحوله إلى سلاح نووى! لايمكن أن تستقيم الأمور بمفارقة فاجعة من مثل هذه المفارقة : صمت مطبق عن مفاعل نووى اسرائيلى وقنابل نووية مؤكدة وضجيج هائل يصل حد التلويح بضربات عسكرية وحروب على سلاح نووى هو فى عالم الغيب !
أظن أن هذه المفارقة تنضم إلى مفارقات كبرى غيرها لتشكل ظلما فاحشا يستدرج الأرهاب ، وينتج حركات عرقية وطائفية ومذهبية تقض المناجع.. البابا نفخ نارا حارقة فى سياق المفارقات باجتراحه مفارقة بائسه أخرى !
******
لم تقل هذه المرة ..صمتت فعلت ما هو أبلغ من الكلام ذهبت الى الاحتجاج بالأعتصام والجلوس فى عرض الشارع. لم تلق بالآ ولم تسأل عن مصير أطفال لا يذهبون إلى المدرسة لأن المعلمين أيضا مضربون ولأنها لا تجد لهم طعاما يلقم أفواههم . زوجها المدرس يجلس بالأطفال وهى تجلس فى الشارع.. اعتصام هنا وأعتصام هناك ، ربما يأتى الفرج ولا ينفق الأطفال جوعا . متى ترتفع الشهوة الى الحكم لتصبح رحمة بالجائعين ؟
******
يذكر دان براون مؤلف رواية ' دافنشى كود' الرائعة أن البابا كليمانت الخامس بابا الفاتيكان قرر فى العام 1307 ، بالتنسيق مع ملك فرنسا فليب الرابع الحرب على فرسان الهيكل من المسيحين لسحقهم فأرسل كتبا باوامر يفضها جنوده فى توقيت واحد من فجر يوم الجمعة فى الثالث عشر فى شهر أكتوبر 1307 فى كافة أنحاء أوروبا ! قال كليمانت فى رسالته : أن الرب قد زاره فى الحلم وحذره من ان فرسان الهيكل هم هراطقة يعبدون الشيطان وشاذون جنسيا ولواطيون ،إلى آخر تلك الرسالة التحريضية ، التى انتهت إلى طلبه من كافة الجنود القيام بتطهير الأرض من هؤلاء الهراطقة الفرسان
لقد تم تنفيذ المذبحة بحزافيرها فى وقت واحد ،حيث هب جنود البابا فى أوروبا قاطبة فاعتقلوا وعذبوا مئات الآلاف ثم أحرقوهم على الأعمدة كالهراطقة والسحرة على حد تعبير المؤلف .
ويقول براون إن آثار هذه المأساة انعكست فى الحضارة الحديثة باعتبار يوم الجمعة الذى يقع فى الثالث عشر من أى شهر، يوم بؤس وكارثة ونذير شؤم .
ربما لم ينتبه البابا بندكيتس إلى هذه الحادثة وعشرات الحوادث والحروب المسيحية الصليبية ، حين فعل فعلته فى الهجوم على الأسلام ورسوله العظيم محمد، أن اختيار الوقت وتوقيت الكلام لا يأتى صدفه وتكون له دلالته بخاصة حينما تكون للكلام انعكاسات سياسية .
السؤال ليس فى أعتذار البابا وحجم هذا الاعتذار وقبوله بقدر ماذا فى تصريحات البابا، وما هى مردوداتها السياسية فى وقت يقف فيه العالم على مفترق طرق دقيق وخطر، بين صراع أو حوارالحضارا ت أظن أن تصريحاته ليست عفوية ،وتخدم الرئيس بوش والمحافظين الجدد وتدعو للحرب ولا تحض على السلام !