فى كل مرة يعتذر الأسرائيليون ، لكن اعتذارهم يكون اشبه بالإصرار على حقهم فى ارتكاب الفعل الإجرامى، غير انهم لسبب او لآخر تقنى أو فنى أو نتيجة غلط فى رصد المواقع قد ارتكبوا جريمتهم !!
الأسوأ أنهم يجدون من يبرر لهم ويدافع عنهم ويتحدث عن حقهم فى الدفاع عن أنفسهم ! كم هذه الولايات المتحدة ظالمة وباغية وطاغية فى تحيزها وإنفلات معيار العدالة فى سياستها.
وليست مجزرة بيت حانون ، وليست المئات من الشهداء والجرحى الذين ذهبوا أثناء المجزرة وحدهم الذين يدلون على جرائم الحرب التى ينفذها الأسرائيليون عن سابق عمد وإصرار ، ولن نعدد الآن ولكننا سوف نعد وحدة واحدة حتى نبلغ العدد كاملاً بالتفاصيل والأسماء وحتى بشواهد القبور . ومنذ دير ياسين وكفر قاسم وقبية والسموع ومنذ عشرات المجازر الأخرى ، منذ القتل الفاجع المشين للطفل 'محمد الدرة' وهو فى حضن ابيه ، ومنذ الأطفال الأخرين العشرات والمئات ، والمجازر التى اخطأ الطيران فيها الأبنية ، أو انحرفت الصواريخ عن مسارها أو داهمت القذائف المتنزهين على الشاطئ فى رحلة البحث عن الخروج بأطفالهم من الضيق والكآبة.
لن نعدد ذلك كله وإنما سوف نحصره وبوصف دقيق لا يهمل مجزرتى قانا الأولى والثانية ، ولا ينسى هروب الولايات المتحدة من وقف القتال فى اسبوعه الثانى فى لبنان ، انتظاراً لحسم المعركة الأسرائيلية ضد حزب الله واللبنانين ، لماذا نفعل ذلك ؟ وما الذى أرجوه من الخوض فى التفاصيل ؟! الأمر لا يتعلق بتنشيط الذاكرة بقدر ما يتعلق بمسألة مقلقة يستمرئ فيها الأسرائيليون قتلاً وجرائم منظمة وجماعية ، دون أن يحاسبهم أحد وتحميهم الولايات المتحدة ويساندهم المنافقون فى العالم الغربي.
حسناً ماذا نفعل ؟ ولماذا لانبدأ عملاً نذهب به بعيداً نطوف العالم من أقصاه الى أقصاه ، نطرق أبواب المحاكم الدولية ومحاكم جرائم الحرب والمحاكم السياسية التى تطارد الدول التى ترتكب أعمالاً ومجازر وتقيم قتلاً وحشياً رسمياً مدبراً ومقصوداً . لقد اقام الأسرائليون الدنيا ولم يقعدوها على المحرقة ، ها نحن نقترب من فعل أعلي وأشد بشاعة ، ماذا نسمى كارثة بيت حانون والقتل الذى حصد أكثر من ثلاثين شخصاً ومجزرة الشاطئ فى السودانية والتى لم يبق فيها من عائلة كاملة غير فتاة فى عمر الورود.
كيف نبدأ ومن أين ؟ هذا السؤال مطروح على الكافة من السياسيين والمحامين والقضاة والمثقفين والمدافعين عن حقوق الأنسان وكل من له صفة أو صلة ، أن نهب جميعاً ، فنجمع قوانا ونكتل إرادتنا ونذهب بالمجازر الجماعية الأسرائيلية و جرائم الحرب الى كل منبر فى العالم قضائى أو أممى او انسانى . ولسوف نحمل معنا فضلاً عن التفاصيل البشعة المذهلة والتى تفوق فى بشاعتها ليس الخيال وحده وإنما تضرب بعيداً فى الضمير الأنسانى توجعه وتقلقه ، وتجعله معلقاً بين الخوف على مصيره والأشفاق على مستقبل الأمم والشعوب . سوف نحمل صور الشهداء وأشلائهم وذكريات الجرحى والمصابين والذين فقدوا أعز أقربائهم وظلوا وحيدين.
وفى هذا السياق علينا أن نحاكم كل فيتو أمريكى صدر بدون وجه حق ، ونعرض لتفاصيل العبارات والمعانى الواردة فيه ، حتى نضع الولايات المتحدة فى مأزق أخلاقى يضرب فى القيم الأمريكية ! قيم العدالة والحرية !، وقيم مناوئه العنصرية والحرب على الأرهاب ؟! إن الأرهاب أساساً يحمل شبهة صناعةٍ يقدمها التمييز والانحياز الظالم والكيل بمكيالين ، وكسر إرادة الشعوب وإهانتها والتلاعب بمصائرها ومقدراتها.
ولسوف أزعم بأننى لكل هذا الظلم الفاحش والأفتئات والجريمة المنظمة وجرائم الحرب ، والمجازر ، والقتل العشوائى ، والاغتيال السافر الذى يميز ولا يميز ومعى بعض الأصدقاء ، سوف نقود حملة تظل تتصاعد لتصل الى أوسع حملة فلسطينية وعربية ودولية تطالب بمحاكمة وزراء 'الدفاع' الأسرائيلين المتعاقبين ورؤساء الأركان ورؤساء الوزارات ، عن كل الجرائم الى أرتكبوها عن عمد وسابق إصرار بما فى ذلك وفى مقدمتها جرائم الحرب .
ولسوف نضع أمام كل المعنيين ، إتحاد المحامين الفلسطينين والعرب والأتحاد الدولى للحقوقيين ، وكل من يهمهم ، ملفاً كاملاً يعرض لكل الجرائم الكبرى والتجاوزات وجرائم الحرب وبشكل أكثر تحديداً الجرائم ضد الأطفال والنساء والمدنيين ، وكذا جرائم التخويف الجماعى وإثارة الرعب المؤدى الى النزوح والهجرة والقتل المبرمج الساعى الى تدمير المعنويات ، وإعطاب الإرادات ، واستدراج العقد النفسية ، وزرع الشقاق داخل المجتمع الواحد ، وتأليب الأطراف المختلفة على بعضها البعض.
ولن يهمل الملف أحداثاً ومؤامرات واعمال قتل سري طالت الكبار والصغار ، ولم تستثنى الرموز . حيث سيتناول الملف فى جزء منفصل قد يتأخر قليلاً لدواعى جمع المعلومات بصورة دقيقة ومفصلة حادث إغتيال واستشهاد الرئيس القائد الرمز ياسر عرفات . والى حين ذلك أى الى حين إعداد الملف سوف نعتبر هذا المقال مقدمة للملف يشكل جزءاً منه ولاينفصل عنه ، مثلما نعتبره انطلاقاً للدعوة الى كل فلسطينى وعربى ، والى كل الأحرار والشرفاء فى العالم ، كي ينضموا لنجعل من الملف الذى هو الأن قيد الإنشاء دعاوى قضائية ضد الجريمة الصهيونية المنظمة والجرائم ضد الأنسانية وجرائم الحرب وخلافها.
وحتى تتبلور الفكرة فإن الكل مدعو الى إثرائها بكل ما يجعلها قادرة على القيام بدور فاعل وبارز فى خدمة الأنسانية وفى مركزها القضية الفلسطينية ، لرفع الظلم عن الشعب الفلسطينى ودحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف . وإن الهدف من هذا البيان هو العمل بلا كلل أو ملل ، فلقد أثبتت التجارب فى كل المفاصل والمنعطفات فى الصراع الفلسطينى العربى الأسرائيلى .
إن المقاومة المدنية تقدم اختراقاً سحرياً فوق الجبهة العالمية لا تقدر على تحقيقه المقاومة المسلحة فى ظل اختلال موازين القوة. ولقد أظن اننا نحقق هدفاً أعلى من مجرد المساس بمجرمى الحرب الأسرائيلين ، حينما نذهب الى مصافحة للراى العام فى الولايات المتحدة الأمريكية الذى غرر به قادتها , لنثبت لهم فيه بالوقائع بأن الممارسات والسياسات والخروقات الأسرائيلية وإنحياز الأدارة الأمريكية قد أضرت بالمصالح الأساسية للولايات المتحدة ، وان استمرار السياسة الأمريكية فى هذا الأتجاه ، إتجاه الأنحياز لأسرائيل ظالمة ومظلومة ، ينمى الأرهاب العالمى ويجعل تربته ومناخه أعلى نشاطاً.