أخيراً اجتمعوا.. ماذا لو اجتمعوا ماذا لو لم يجتمعوا؟ هل تختلف النتيجة، هل يتبدل الأمر؟ سؤال مستحق.. ما فائدة اجتماع لا تضغط فيه بكامل قواك وأوراقك. أظن أن وزراء الخارجية العرب في بيروت يهدرون وقتاً، يثيرون حراكاً يهدئ الخواطر لكنه لا يشفي الغليل أو يصل باللبنانيين الى خاتمة الأحزان.!
على نفس الخطى والدرب، لم يختلف دليلنا، نمنح الإسرائيليين مزيداً من الوقت والأمريكيين والفرنسيين فرصة اصطياد اللبنانيين أكثر والمقاومة. لم نخرج عن الخط: مؤتمر لوزراء الخارجية يبحث ويجتمع وينّقب ثم يمضي الى نيويورك ليناقش..لا أعرف الأمير أو المير طلال أرسلان اللبناني العروبي الدرزي.. قال قبل أن يأتوا: سوف يأتون الى لبنان من القاهرة معاً، وسيطلبون كلهم كلهم إذناً من إسرائيل كي يأتوا !! مجيدٌ ابن المير مجيد.. كان أرسلان دائماً دمه يشغُب عروبة ووطنية: الذي يطلب إذناً من إسرائيل أو حتى من الولايات المتحدة، لم يتأهل بعد للدفاع عن بيت فكيف عن شعب وأمة..
وفي نيويورك يتمدد الوقت وتتبدد فرص الحسم، فالمطلوب حسم على الأرض أولاً ولصالح إسرائيل، وعلينا أن نبصم بأنها منتصرة! بعد الوزراء تجتمع القمة في مكة، وما بين مكة والبدايات عجز وتخاذل وضياع يدفع لبنان فاتورته.. يلحق لبنان بالفلسطينيين .. لبنان ليس صغيراً والفلسطينيون كثير، ثمة ميزان مختلف تُقدّر به الرجولة والحمية والتصدّي ولو لقوة كبرى وعظمى.. لا أظن أنهم في نيويورك يُفلحون. ليست هذه هي المعالجة! أحدهم ببساطة، اسمه شافيز، ليس منا انقهر علينا وسحب سفيره من إسرائيل، إنه يعُلمنا يلقنا درساً في الرجولة.. ويدلنا لنخوض موقعة سياسية. يقول شافيز: من هنا على الأقل، ابدأوا..
* * *
تساوت الرؤوس.. هذه الحرب ليست حرب إسرائيل، هي ليست موقعة الدفاع عن الحلم الصهيوني.. وليست كذلك معركة البقاء والمصير كما يردد أحد أشهر السياسيين النمّامين، الذين لا موقف ولا لون، شمعون بيريز.. إنها حرب الولايات المتحدة الأمريكية.ربما اعتقدها الإسرائيليون حرب نزهة مثل باقي الحروب، ربما ظنوها خاطفة! الآن بعد شهر بالتمام والكمال، وبعد قتلى وجرحى ومشوهين ولاجئين ومشردين يهود، تبدأ اللحظة ويحين الحساب. الى أين يأخذهم أولمرت وشمعون بيريز، وهذا الوزير القادم من أصل مغربي ومن زعامة الطبقة العاملة، والذين يُبدي أنه أكثر بطشاً وجريمة وحقدا، عمير بيرتس! سوف يتبادر الى ذهني أنهم يقودون شعبهم الى الخراب، وربما أجنح الى الظن بأن علينا أن نناضل معاً ضد هؤلاء جميعاً، وضد الحرب تشنها الولايات المتحدة، وقودها العرب واليهود!
* * *
دولة بأعلى وأحدث الأسلحة والعتاد، وبصلف القوة والقدرة وكثافة نيران لم تعد في متناول سوى الدول العظمى، تجتمع على حزب ومقاتلين وخلايا مقاومة مفاجئة، تنبت من بين الصخور وثنايا الطرق وشعاب الجبال، فلا تأخذ حقاً ولا باطلاً.. أظن أن الدرس أضحى جليا: لا قوة تبقى بنفس القوة والقدرة مهما تسلحت. الجيش الإسرائيلي الآن يصاب بعثرات لم يحسب لها حساباً، يرتبك هو يحارب أشباحاً وما هم بأشباح، يضرب خارج الميدان والسياق. يقتل بجنون، وبتدمير مروّع، مدنيين ومواطنين وجسوراً وأبنية وبنى تحتية، وحتى أفراد يقطعون شارعاً أو يعبرون سبيلا!!
أثناء الكارثة تتردد على الشفاه بسمة متشفيّه.. هؤولاء الذين قطعوا أكثر من خمسين سنة يتزودون بأسلحة القتل والفتك، والذين يتعاملون مع العالم بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس الأمن بصلف ووقاحة، يتأرجحون بين العجز واضطراب المعلومة وغياب الهدف.. عليهم إذن أن يبدأوا عدّهم العكسي الذي بدأ عندما أجرّوا أنفسهم للولايات المتحدة،جيش مرتزقة.
* * *
بكى السنيورة ، بكيت له وبكيتُ عليه، فهو يبكي أمام من لا تهزهم النخوة ولا مشاعر ترفعهم الى هز عصا النفط أو أي عصي أخرى في وجه أمريكا. صفقوا له هل كي يجنبوه انخراطه في البكاء على لبنان، أو لأنهم لا يريدون مزيداً من الإحراج؟ فضحهم وأحرجهم شافيز هذا الذي خرج لهم من غياهب أمريكا اللاتينية، تماماً مثلما يفضحهم ويحرجهم كل يوم حزب الله..
* * *