العالم ظالم ومنحاز ويكيل بعشرة مكاييل وليس بمكيالين اثنين وحسب، هل يمتعنا هذا الاكتشاف ام علينا ان نتقن التعامل حتى مع العالم الظالم! حتى ننجو بنا وبقضيتنا. عند هذه النقطة لا تنفع اجزاء الحلول وانما اللجوء الى الكي ولو نكوي انفسنا، ونقدم على خلاص سحري اساسه التمييز بين الحكم الذي تتبدل شعبيته ومصداقيته وقبوله من حين لحين. لذا فانهم اخترعوا الاستبيانات والاستفتاءات التي مازال بعضنا يرفضها وقبلها الانتخابات التي ربما توصلنا الى كارثة، وقد تحلنا لنغدو مرجعية هي الحكم ان لم نكن فوق الحكم.
ملاحظة لا بد منها: في تتبعي للحوار الوطني بالقدر الذي اتيح لي كان ناقصاً وفضيحة، ولم تكن ثمة اوراق وبرامج عمل بقدر ما كانت هنا مجاملا وآراء فردية … ولم يقل احد علناً لا اريد منظمة التحرير الفلسطينية، وهي ليست بيتنا وليست مقبولة، وانما سمعنا نعم ولكن … نعم ليست كاملة وليست ايجابية وانما نعم من اجل لا .. حمانا الله من القادم الفادح.
* * *
دخلت الاحزاب والفصائل على وثيقة الاسرى … هؤلاء الذين يحملون ضميرنا نظيفاً من شوائبه، لم يبتغوا حكماً أو موقفاً أو حتى راودهم وهم في زنازينهم سوى ما يراود الروح وهي تتطلع الى الاهل في عذاباتهم … دخلوا الى الزنازين تسللوا اليهم ليخلفوهم وليشقوا الوثيقة، ولنصبح ليس هناك من احد احسن من احد! يعطينا العافية.
* * *
راجعني عدد من الاصدقاء حول ما اكتب. قال بعضهم انني ابدو متوتراً! لعله اراد تشذيب التعبير حيث اعلن انه يقصدني متشنجاً!! وبعضهم قال انني اخوض معارك حركة لا تعترف بي، وبعضهم اعلن ان كتابتي الصريحة تعجبه وتحك له على جَرَب .. اعتقد، اظن ان الكتابة النابضة الحركة، هي ما تشكل اراء ونقداً يصل احياناً حد التجريح. حسناً لا املك سوى قلمي واريد ان اطمئن اصدقائي وغيرهم ايضاً انني لا ابيعه بكل ذهب الارض.
* * *
ها هو الشهر الثالث أو الرابع يدخل بدون 'مرتّبات' وبلغة اشد فصاحة تعبيراً بلا أجور. انهضي يا غفلتنا .. كنت جالساً في المقهى، وعددت سبعة عشر متسولاً من الاطفال الصغار وطفلات جميلات، معظمهم يحاول بيع سلعة أية سلعة .. لا يهم. ثمة انكسار في عيونهم جميعاً ولو كانوا يبيعون، انكسار المتسول الذي يلح عليك حتى تكاد تخرج من جلدك. هل يأتي عليك الدور وفي أي شهر من امتناع القبض سوف تستسلم! ومن اجل اذا وأي شيء؟!
* * *
كان كيسنجر وزير الخارجية الامريكي الشهير الاسبق يقول لوزير الخارجية العراقي عام 1975 'لا نري اسرائيل' تسيطر على منطقة الشرق الاوسط من اقصاها الى اقصاها. نعترف بها ونحميها ونريدها دولة صغيرة مثل لبنان، كيف نقرأ هذه الفقرة في محاضرة السرية مع المسؤولين العرب، وكيف نتعامل مع قوة عظمى لا نملك الافلات كلياً من جبروتها، على الاقل في هذا العقد الاول من القرن الحادي والعشرين.